أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم
«الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْمُرْسَلِين وَ الْأَئِمَّةِ الْهُدَاةِ الْمَهْدِيِّين سِيَّمَا خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ وَ خَاتَمُ الْأَوْصِيَاء عَلَيْهِما آلَافُ التَّحِيَّةِ وَ الثَّنَاء بِهِمْ نَتَوَلَّی وَ مِنْ أَعْدَائِهِم نَتَبَرَّأ إِلَی اللَّه».
أسعد الله ايّامنا و ايامکم بميلاد سيّد الأنبياء و سبطه الإمام الصادق(عَلَيْهِما آلَافُ التَّحِيَّةِ وَ الثَّنَاء) نُرَحَّبُ مقدمکم الشريف ايّها الآيات العظام و الحجج الکرام و العلماء الاعلام سَلَّمَکُم الله تعالي و أفاض عليکم في الدّارين. إن القرآن کلام الله سبحانه و تعالي کما أنّ الله سبحانه و تعالي ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾،[1] کلامه المعْجز؛ أعني القرآن، کلام و کتاب ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾، إن الله سبحانه و تعالي کاف لعباده و کاف لأيّ أمور. إنّ القرآن کلام الله الکافي و لذا يکفي القرآن لإثبات معجزته أولاً و لإثبات نبوّة مَن أتي به و هو رسول الأعظم(عَلَيْهِ آلَافُ التَّحِيَّةِ وَ الثَّنَاء) ثانياً، کما أن بمضمون القرآن يثْبت التوحيد و يثْبت المعاد ثالثاً و رابعاً.
إن هاهنا أمراً هامّاً و هو أن القرآن الکريم و إن لم يمکن إثبات اصل مبدأ به، حيث إن القرآن «رسالة» و «خطاب» فمادام لم يثْبت المرسِل و لم يحقّق القائل، لا يمکن أن يقْبل رسالة القرآن و کلام القرآن، حيث إن القرآن خطاب لابد أن يثْبت المخاطِب و المتکلّم اوّلاً كما لم يثْبت المبدأ لا يمکن إثباته بالقرآن و أما جميع الأصول و الفروع فيمکن إثباته اجمالاً أو تفصيلاً بالقرآن الکريم؛ کما أن الله سبحانه و تعالي قد أقسم بالقرآن لإثبات کون القرآن معجزة و لإثبات رسالة رسول و کما أن الله سبحانه و تعالي قد أحال و أرجع اثبات التوحيد لا إثبات اصل المبدأ أرجع اثبات التوحيد بالقرآن و أرجع إثبات المعاد بالقرآن و يمکن لنا أن نقسم بالقرآن الکريم و نقول نقْسم بالقرآن إنه معجزة و کلام الله، نقْسم بالقرآن إن الذي عطا به رسول الله، نقْسم بالقرآن أن الله لاشريک له أي التوحيد لا اصل المبدأ، نقْسم بالقرآن أن المعاد حق، کما أن الله سبحانه و تعالي صرّح أو أجمل بهذه الأيمان في إثبات کون القرآن معجزة و آتي به رسولاً و کون الله واحداً لا شريک له و کون المعاد حقّاً، ﴿ص وَ الْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾،[2] ﴿ق وَ الْقُرْآنِ الْمَجيدِ﴾،[3] ﴿يس ٭ وَ الْقُرْآنِ الْحَكيمِ ٭ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلينَ﴾[4] و الغرض أن الله سبحانه و تعالي أقسم بالقرآن لإثبات امور اولاً و هذا القَسَم ليس قَسَماً في قبال البيّنة، کما أن المحاکم الشرعيّة تکون البيّنة في قبال اليمين و اليمين في قبال البيّنة؛ بل قَسَم الله سبحانه و تعالي بالبيّنة لا في قبال البيّنة؛ مثلاً إن الّذي يدّعي کون هذا الآن يوماً و هو إذا لم يري الشمس يقسِمُ بأمور بأن هذا الزمان يوم و أما إذا کانت الشمس طالعة فهو رأي الشمس فله أن يقسم و يقول أقسم بهذا الشمس بأن الآن يوم. هذا القسم، قسم بالبيّنة لا في قبال البيّنة. هذا اليمين بيّنة لأنه قَسَم بالبيّنة. إن الله سبحانه و تعالي قد أقسم بالقرآن لإثبات أمور شتّي و هذا القسم بيّنة لإثبات تلک الأمور حيث إن القرآن وحده يثبت کونه معجزاً و يثبت کون الآتي به رسولاً و يثبت توحيد الله سبحانه و تعالي و يثبت کون المعاد حقاً مما لا ريب فيه.
نرجوا من الله سبحانه و تعالي أن يوفّقکم لتعليم القرآن و لتعليم الکتاب و الحکمة و تزکية النفوس ببرکة عترة الطّاهرين، الّذين هم عِدْل القرآن و الثقل الآخر الّذي هو عِدْل القرآن لأن النبي(عَلَيْهِ آلَافُ التَّحِيَّةِ وَ الثَّنَاء) قد أوقفنا و أعلمنا و بشّرنا بالثقلين أعني القرآن و العترة و لنا أن ندرّس القرآن و نعلم أن القرآن قد أنزل من لدن عليّ حکيم و علينا أن نعلم أن الله سبحانه و تعالي أنزل المطر و أنزل القرآن؛ لکن إنزال المطر بالإلقاء في الأرض و إنزال القرآن ليس کإنزال المطر، بل بمنزلة تدلية الحبل المتين، إذا دلّ الحبل المتين، فهو تدلٍّ لا هبوط. إن القرآن لم يهبط إلي الأرض و لم يسقط إلي الأرض، کما أن المطر هبط الي الأرض و يهبط إلي الأرض و يسقط إلي الأرض؛ بل الله سبحانه و تعالي أنزل القرآن کما أنه أنزل الحبل المتين، بحيث أحد طرفي الحبل بيد الله سبحانه و تعالي و الطرف الآخر بأيديکم، کما في حديث الثقلين؛ فلذا لنا أن نعتصم بالقرآن الذي أحد طرفيه بأيدينا و الطرف الآخر بيد الله سبحانه و تعالي.
نرجوا من الله سبحانه و تعالي أن يوفّقنا ببرکة القرآن و ببرکة العترة الطّاهرة، سيّما مضجع الملکوتي لعليّ ابن ابي طالب أميرالمؤمنين، أميرالموحّدين(عَلَيْهِ أَفْضَلَََُُُُُُُُِِّّ صَلَوَاتِ الْمُصَلِّين) أن يحفظ الحوزة العلمية بنجف و أن يحفظ مراجعنا العظام و آياتنا الکرام و الأعلام و علمائنا العظام، بمحمد و عترته الطّاهرين و يوفقکم لما يحب و يرضي و يعلّمکم الکتاب و الحکمة و يزکيکم ببرکة القرآن و العترة(عَلَيْهِم آلَافُ التَّحِيَّةِ وَ الثَّنَاء).
«غَفَرَ اللَّهُ لَنَا وَ لَكُمْ وَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُه»