رسالة إلی معرض "حضور صدساله خورشد" (حضور الشمس لمدة مائة عام)

28 05 2022 631274 شناسه:

نقلاً عن موقع الإسراء الرسميّ: تمّ انعقاد معرض "حضور صدساله خورشید" (حضور الشمس لمدة مائة عام)؛ یوم السبت في الیوم السابع من شهر خرداد عند الساعة 30 : 05 عصراً برسالة مرئیة من سماحة آیة الله الشیخ عبدالله الجواديّ الآمليّ (دام ظلّه الوارف) وذلك في محلّ قاعة الغدیر للمؤتمرات الواقع في قم المقدّسة – قُریب تداخل الشهداء.

نصّ متن رسالة سماحة الشیخ (دامت معالیه) کالتالي:

 

أعوذ بالله من الشیطان الرجیم

بسم الله الرحمن الرحیم

«الحمد لله ربّ العالمین، وصلّی الله علی جمیع الأنبیاء والمرسلین، والأئمة الهداة المهدیین، وفاطمة الزهراء سیدة نساء العالمین، بهم نتولّی ومن أعدائهم نتبرئ إلی الله».

ارحب بکم أیها العلماء، والفضلاء، والأساتذة، والممتازون، والمتعلّمین جمیعاً.

إنّ محور الکلام في هذا المحفل الوزین العلميّ هو تبیین برامج الإمام الراحل السید الخمینيّ (قدّس سرّه) العلمیة لمدة قرن واحد؛ إنّه قبل قرن واحد دخل هذا الرجل الإلهيّ إلی حوزة قم العلمیة تزامناً مع تأسیسها علی ید سماحة آیة الله الشیخ عبدالکریم الحائريّ (رضوان الله تعالی علیه) المبارکة. إنّ لهذه الحوزة تأریخاً یبلغ إلی قرن واحد وإن کان قبل ذلك في قم حوزة وخرج منها أکابر.

إنّ السبب الذي جعل الإمام الخمینيّ (رضوان الله تعالی علیه) یزدهر خلال هذا القرن وعمل في هذا القرن أعمال قرون متعددة حیث إنّ بیاناً واحداً منه کان یسیر طریق مائة عام في لیلة واحدة "یک شبه ره صدساله  می‌رفت":(دیوان حافظ ؛ غزل 225)؛ وإنّ قلماً واحداً منه کان یعادل مائة رسالة "یک بیت از این قصیده به از صد رساله بود:(دیوان حافظ ؛ غزل 214)"؛وإنّ العمل الذي لم یتم تحقیقه خلال عشرات القرون قد حققه هذا الرجل الإلهيّ هو أنّ لبعضٍ أیاديَ، وأرجلاً، وأبصاراً، وآذاناً إلّا أنّهم لا ینتفعون بها؛ فإن بعضاً ینتفعون بها منافع علمیة ولکنّهم لا ینتفعون بها عملیاً؛ وإنّ آخرین ینتفعون بها منافع عملیة ولکنّهم محرومون من فیض العلم وفوزه. أمّا الذین ینتفعون بفیض العلم فتارة یکونون في بُعد واحد فیصبحون جامعین لفرع واحد أو إثنین أو ثلاثة فروع؛ وهناك من یجمع بین المعقول والمنقول فیکون جامعاً غیر أنّه لم یجمع بین المعقول، والمنقول، والمشهود حتی یکون جامعاً للمعقول، والمنقول، والمهشود؛ [وفي هذه الفئة] من یجمعها ضعیفاً بمعنی أنّه وإن کان جامعاً لها سوی أنّه جمعها علی نحو الجمع المکسّر لا علی نحو الجمع السالم؛ ومن جمع بین العقل، والنقل، والشهود جمعاً تاماً ودقیقاً فیعبّر عنه بأنّه یملك جمعاً سالماً.

إنّ إمام الأمّة (رضوان الله تعالی علیه) قد جمع بین المعقول، والمنقول، والمشهود جمعاً سالماً، وجمع بین العلم والعمل جمعاً سالماً، وجمع بین الفکر والتحفیز جمعاً سالماً [أیضاً]. کان إذا فهم شیئاً فهمه صحیحاً وکان إذا أتی بعمل أتی به صحیحاً؛ فلم یکن علمه معزولاً عن عمله ولا عمله عن علمه، کان جامعاً بین العلم والعمل بالجمع السالم، وکان جامعاً بین العقل، والنقل، والشهود، بالجمع السالم، کان جامعاً بین السیاسة، والدرایة، والإدارة، والفقاهة بالجمع السالم؛ فلهذا لم یر في برامج هذا الرجل العظیم -بلطف من الله تعالی- نقصٌ وکذا في برامجه العملیة.

إنّ سرّ ذلك أنّه کان تلمیذاً لإبراهیم الخلیل. قد عرّف القرآن الکریم إبراهیم الخلیل (علی نبیّنا وآله وعلیه الصلاة وعلیه السلام) صاحباً للقلب، وصاحباً للید، وصاحباً للبصر؛ قال هذا خلیلي هو أبوکم وأنتم أولاد لهذا الخلیل؛ فیکون لکم الأیدي، والأبصار، والقلوب.

فمن کان له قلب فیصیر صاحباً للقلب، ومن کان له ید فیصیر صاحباً للید، ومن کان له بصر فیصیر صاحباً للبصر. وإذا أسمی الله تعالی خلیله أباً لنا فقد کان الإمام الراحل السید الخمینيّ (رحمه الله) ولد صدق لخلیل الحقّ.

إنّ الله سبحانه مدح إبراهیم الخلیل وبعضاً من الأنبیاء الإبراهیمیین بهذا الوصف وهو کونهم:«أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَار»؛ فکما أنّهم کانوا:«أُولُو الْأَلْبَابِ»؛ بمعنی أنّهم کانوا أصحاباً للقلوب؛ فإنّ لهؤلاء الأیدي والأبصار. فإنّ الذي یحمل فأساً ویکسر الأصنام قطعة قطعة فإنّ له الید، وإنّ الذي یحمل السکینة حتی یذبح ولده فإنّ له الید، وإنّ ولده الذي یسلم أمره لأبیه فإنّ له القلب، فإنّه صاحب للقلب فلم یخف، وإنّه صاحب للبصر فلم یخف، وإنّه صاحب للید فلم یخف؛ قال:«أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَار»:(ص/45)؛ وإنّهم في قسم القلب:«أُولُو الْأَلْبَابِ»:(البقرة/269؛ وآل عمران/7؛ الرعد/19)؛ وفي قسم العمل:«أُولِي الْأَيْدِي».

من لا یخاف ولا یطرؤه في الدرایة شبهة نظیر الإمام الراحل السید الخمینيّ (رحمه الله) سیصبح لبیباً، صاحباً للقلب ویکون له قلب؛ ومن یمسك بیده قلماً وبعد وقوع حوادث مؤلمة یصدر بیاناً أو یأمر بأمر فإنّ له الید؛ ومن ینظر إلی هذا المنظر ویدقق فیه تحلیلاً فإنّ له البصر. وأمّا قوله أنّ للأنبیاء الإبراهیمیین أیاديَ فإنّه بمعنی کونهم یبارزون الصنم بالفؤوس وبالجهاد مع الأصنام أصحاباً للقلم؛ إنّ الإمام الراحل السید الخمینيّ (رضوان الله تعالی علیه) هو من نماذج تلامیذ خلیل الحقّ وأولاده الذین قال تعالی فیهم:«أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَار».

قال تعالی بشأن الأصنام غیر ذات الأرواح:«أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا ۖ أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا»:(الأعراف/195)؛ فهذا صنمٌ، وإنّ الذي لیس له ید حتی یعمل بها عملاً، ولیس له رجل یمشي بها فإنّه صنمٌ جامد مغلق؛ ولکنّ الإمام الراحل في کلّ ما اقتضته الضرورة کتب بقلمه في مجال العلم ونادی بأعلی صوته في مجال العمل؛ فإنّ الله تعالی مدح هذا القلب، ومدح هذا البصر، ومدح هذه الید، فقال:«مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ»:(الحجّ/78)؛ فقال أنتم کأبیکم فلیکن لکم الأیدي، والأبصار، فإنّا قد أعطینا لأبیکم الذي هو إبراهیم الخلیل القلب؛ فإنّه کان أهلاً للشهود:«وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ»:(الأنعام/75)؛ وإنّه رأی باطن العالم فانظروا أنتم لعلّکم ترون.

أنّکم تعلمون أنّه کما أنّ هناك فرقاً بین النظر والرؤیة في الفارسیة فإنّ بینهما فرقاً في العربیة أیضاً؛ فقال: إنّه رأی فانظروا أنتم لعلکم ترون؛ إنّه جاء هذا المعنی في سورتي "الأعراف" و"الأنعام" قال في مکان بشأن خلیل الحقّ:«وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ»؛ وهي الرؤیة، وقال في شأننا:«أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ»:(الأعراف/185)؛ لماذا تنظرون إلی السماوات؟! لماذا تنظرون تنظرون إلی الأرض؟! ولکنّکم لا تنظرون إلی خالق السماوات والأرض؛ ولماذا لا تنظرون إلی ملکوت السماوات؟! إنّ التنجیم لیس صعباً؛ والهیوية لیست صعبة؛ فإنّ المهمّ في هذا البین هي رؤیة الملکوت؛ فقال: لماذا لا تتفکرون في الملکوت؟!

إنّه کان أهلاً لرؤیة فکونوا أنتم أهلاً للنظر (المشاهدة) فإنّه مقدمة للرؤیة؛ کونوا أولاداً لخلیل الحقّ؛ فانظروا في الملکوت لعلّکم ترون.

کان الإمام الراحل إذا مشی خطوة کان کمن قال أنشد بیتاً في قصیدة وهو أفضل من مائة رسالة "یک بیت از این قصیده به از صد رساله است"؛ وکلّ خطوة مشیها کان کمن سار طریق مائة عام في لیلة واحدة "این طفل یک شبه ره صدساله می‌رود"؛ فإنّنا نأمل أن یحشره الله تعالی مع الصدّیقین والصالحین والأنبیاء (صلوات الله تعالی علیهم أجمعین).

إنّا نقول في المناجات:«وألحقنا بالصالحین»؛ ولکنّ أمیرنا عليّ بن أبي طالب (صلوات الله وسلامه علیه) یقول: لو أردت أن یستجاب دعاؤك هذا:«وألحقنا بالصالحین»:(الدروع الواقیّة ؛ ص 114)؛ [فیلزمکم أن]؛«تخفّفوا تلحقوا»:(نهج البلاغة ؛ الخطبة 167)؛ فخفّف حملك حتی تلحق بالصالحین.

 

 نسأل الله سبحانه أن یحشر روح الإمام الراحل السید الخمینيّ المطهرة، وجمیع أرواح الشهداء، والعلماء، والصلحاء، والصدّیقین مع الأنبیاء (صلوات الله تعالی علیهم أجمعین)؛ وأن یجعل قائد الثورة الإسلامیة ومسؤولي هذا النظام وجمیع الناس مشمولي عنایة الإمام صاحب العصر والزمان (أرواحنا فداه) الخاصّة، وأن یوصل هذا النظام بظهور خاتم الأئمة (عجّل الله تعالی فرجه الشریف).

 

«غفر الله لنا ولکم والسلام علیکم ورحمة الله وبرکاته»


دیدگاه شما درباره این مطلب
أضف تعليقات